قصة بعنوان( وراء كل كيد عظيم امراة) الجزء الاول

هنا الصحافة / بغداد
بقلم الكاتبة / ريم سعد مجيد

  بدأت أكره هذه العجوز البدينة، أرهقتني كثرة المشاكل التي تفتعلها، كأنها تغتاض عند رؤيتي سعيدا، اريد أن انعم بالرخاء لكن لن أحصل عليه مادامت موجودة، وهذه المسكينة_قالها وهو يشير بسبباته تجاه المرأة الجالسة جنبه_تعبت وهي تحاول استرضاءها وبدون جدوى، فهي لاترضى بشيء، وانا ضرير_ كما ترى_ لااستطيع مزاولة العمل .
_حسنا وماالذي تريده مني بالضبط، ولِمَ تكشف أسرارك امام رجل لاتعرف عنه سوى إسمه؟
_في الحقيقة ياسيدي اني قدسمعت الكثير عن كرمك، وحبك لمساعدة الآخرين، لذلك اقترحتُ على زوجتي أن نلجأ إليك فالفقر أضنانا، ولانملك مايسد رمق اطفالنا، ومرضي يحتاج الى علاج ،زد على ذلك عقاقير الادوية لأمي التي لا تحول عنها.
_مهما يكن من امر فما شأني ؟
وفي هذه الأثناء تعالى نحيب الزوجة وبكاؤها وهي تردد:كفى،سئمتُ من التوسل،وطلب العون من الاغنياء، إرحمني ولنغادر فورا، فمَن يساعد الفقراء في وقتنا هذا، نحن نجلب العار بنظرهم_إن تكلموا معنا_ ثم أردفت قائلة وهي تنهض من مكانها وتقف أمام الرجل : وانت ياسيدي، فأنا ممتنة لك كونك أدخلتنا لقصرك الفخم هذا، وقدمت لنا القهوة التي طالما تمنيت ان اتجرع مرورتها، فقد سمعت عنها الكثير لكن هذا البائس لايملك النقود لشراءها رغم ثمنها البخس،اشكرك جدا وسأدعو لك في كل صلاة.
أصبح الجو مشحونا بالحزن، وإكتسى وجه الرجل ثوب الحزن والإنكسار، أما هي ففتحت الباب للخروج آمرتا زوجها باللحاق بها،لكن الرجل لم يدعهما يخرجان.
_أتوسل إليك بألا تخرجي، إجلسي رجاء وأنا متأسف جدا إن كنت غليظا معكما، فقد كثرت حركات المشاغبين،وتطاولت في الآونة الأخيرة،لذلك ظننتكما من هذا الصنف من الناس.
وبدأ يردد في داخله: (إن بعض الظن إثم) ماذا فعلت انا مع هذه المسكينة وزوجها العليل.
_إستميحاني عذرا دقائق فقط وأعود.
_خذ وقتك سيدي.
جلسا جنبا إلى جنب، لم يتفوها ولو بكلمة واحدة، كان الصمت سيد الموقف،لكنها فعلت أمرا غريبا، إستشاظ الزوج غضبا: ماذاتعدين نفسك فاعلة،أعيديه فورا.
_لاتكن أحمقا، هيا كل معي، لست بلهاء لأترك هذا الطعام اللذيذ وأخرج _متحسفة عليه_ بدافع الخجل والإحترام.
لاتفسدي علي الأمر، قد يعود في أي لحظة ويراك على هذه الحالة المزرية وانت تلتهمين الطعام كالبهيمة.
_كفاك ثرثرة،وستنال ماتستحقه في المنزل، أعدك بهذا.
عدلت من جلستها،وأحنَتْ رأسها مدعية البكاء، فقد لمحت خياله قادم.
ارجو أن لا أكون قد تأخرت عليكما،وسامحاني إن قصرت في حقكما،إقبلوا هذا المبلغ المتواضع كإعتذار لجرح كرامتكما بدون قصد.
_لا، لن ألاخذه ياسيدي،ففي مامضى كنت غبيا وأتوسل من أجل المال، ولكن قبل دقائق وانا ارى زوجتي محطمة أمامي قررت أن لا أقبل مال من اي شخصٍ كان،شكرا لك، ولمشاعرك النبيلة.
_اتوسل إليك ان تأخذه، فأنا سأبقى ألوم نفسي إن لم تقبله،وارى ان هذه أيامي الأخيرة ،وقد شارفت على الموت ولا أريد أن أُلحد في قبري وأنا ظالم.
وبعد عدة محاولات وافقا على أهذ النقود، وإستأذنا بالخروج وودعا الرجل وداعا حميما.
_ الم أخبركِ بأنه غبي، وبمجرد ان يرى دموعك سيصدق.
_عزيزي لم اكن اتوقعه لهذه الدرجة من الغباء، أيعقل أن شخصا لبيبا يعطي مبلغا مثل هذا بمجرد رؤيته دموع كاذبة!
والآن ماذا سنفعل بها؟ سنحتفل بهذا النصر الكبير ولنشتري به بيتا كبيرا كما أشار إلينا هذا الخرِفْ، ولنسافر، ونستمتع بكل ملذات الحياة
_نسيت إخبارك بأن امك غير مرحب بها في بيتي الجديد.
كما تشاءين، سأأخذها اليوم في رحلة مشوقة جدا ولن تريها بتاتا، هل هذا يرضيك حبيبت زوجك.
_هذا زوجي المطيع الذي أعرفه.
هيا بنا الى المنزل ،عادا مسرعي الخطا، دخلا الغرفة واغلقا الباب ورائهما خشية ان يراهما احد اطفالهما_فهذا سر لايجب كشفه_ اخرجت صندوقا يحوي على مزيج من المجوهرات الرخيصة وبعضها متكسرة، رمتها جانبا وبدات تعد بالنقود وهي تُقبل وتشم كل ورقة على حدا الى ان انهت عدها ووضعتها في الصندوق واشارت الى زوجها بأن يضعه في أعلى الرف الذي بجانب البوابة، ففوقه تنام الوسائد والقليل من الافرشة القديمة، ولا يُرى في هذا المكان بسبب ضيقه بالإضافة الى إختباءه خلف هذه الوسائد.
أتم الأمر وإستراح على الأريكة، أما هي فقد خلعت العباءة عنها وإرتدت ثوبا زهري اللون ،وتجملت بالمساحيق ثم خرجت لأبناءها، فتشت عنهم لم تجدهم في صالة الاستقبال :أين ذهبوا هؤلاء الحمقى؟هكذا قالت وهي تبحث عنهم، سمعت أصوات ضحكات تعلو كلما إقتربت من غرفة المرأة المسنة_أم زوجها_ فتحت الباب بغضب متطاير من عينيها : كيف تجرأتي أن تتكلمي مع أولادي، ألم امنعكِ من ذلك، لما لاتجيبي أإبتلع القط لسانك؟
وانتم أيها الاوغاد سأعاقبكم لاحقا هيا اخرجوا بسرعة وإياكم أن تكلموها فهي مجنونة وأنا أخشى عليكم من أذاها.
لكن ياأمي نحن نحب جددتنا وهي لم تؤذنا وليست بمجنونة فهي تحكي لنا القصص، وكذلك تلعب معنا. ومااستطاع إكمال كلامه إلا وهو لا يعلم من أين تأتيه الصقعات،وواحدة أعلى ضجة وإيلاما من الأخرى.
_كفى لن أعيدها سأكون ولدا مطيعا صدقني ياابي، أرجوك كفى .
لكنه استمر بالضرب إلى ان أحس بأنه سيفقد ابنه ،فتوقف.
ونظر الى امه بعين الكره واراد الخروج ،لكنه استدرك وقال: انت السبب في كل مايحصل لي، تعسا لكِ ولكل الأمهات.
خرج واغلق الباب بكل مااوتي من قوة
حاولت عدم البكاء لكنها لم تستطع منع عينيها من ذرف هذا السائل المحرق، تضرعت الى ربها ،دعته أن يرشد ابنها الى الطريق الصحيح،ثم عادت تلوم نفسها : خالد محق فكله بسببي؛ لأنه ولدي الوحيد جعلته مدللا اكثر من اللازم ولأني لم ارفض له طلبا، ولااذكر بأني مددت يدي عليه بقصد تأديبه الى أن وصلت به الحال الى هنا.
لا تقلقي عزيزتي، سأريحك منها فقط تحملي هذا السويعات القليلة،وستنتهي كوابيسنا معها ، اعدك بأن اجعلك ملكة،فقط انتظري وستري.
وطال الحديث بينهما وبعدما انهوا طعام الغداء مع اولادهم، تذكر امر والدته وانها لم تأكل الى الان، لكن لايستطيع تكدير مزاج زوجته بأمرها فتناساها الى أن اسدلت الشمس ستائرها،جلس بجنب امه,كانت ممدة على فراشهم

وبيدها مسبحتها ,آثار الدموع لازالت محفورة على خدها, وكانت غرفتها تعم بشيء من الهدوء الروحي,لكنه كان بعيدا عن استشعار لذته و لم يكلف نفسه عناء الإعتذار ,هيا جهزي نفسك لأذهب بك الى مكان تنتهي معه معاناتي . نهضت بفزع قائلة: -أيعقل أني في حلم ام ماذا يحصل معي!! كلا لست بحلم فهذا الواقع,لقد تعبت من مصاريفك بالاضافة الى ماتفتعليه من فوضى لتثيري بها زوجتي بدعوى حبك لأطفالي,اغربي عنا لا نريدك في حياتنا,لذلك هيا بنا بسرعة. لم تكن تعلم ماتصنع,فوضت امرها الى بارئها وهمت بالوقوف,لكن هول مصيبتها اعياها عن ذلك. -هيا بسرعة لا تتدعي الضعف,سأوقفك أنا . اخرجها من غرفتعا ,ووضع العباءة فوق رأسها بلا عناية,خرجت مكسورة الخاطر,وسيل الامطار ماانفك عن الهطول على ارض وجنتيها التعبة,كانت زوجته تقف قبالتها,اسرعت لتفتح باب الدار موبخة إياها: هذا جزاء من يلعب بالنار. لم تجبها,ولم تأبه لما قالت,ركبت السيارة في الخلف, وابنها يجلس خلف المقود,ويسير في سرعة جنونية,الجو بدا مخيفا جدا,وكئيبا كذلك,لكن الأشد وحشة وكآبة هو قلب امه الذي احرقه بكلتا يديه عمدا ,وصلا لمكان نائي عن المدينة
شاركه على جوجل بلس

عن وكالة هنا الصحافة الاخبارية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق